لماذا تضاعفت أسعار الهواتف الذكية خلال السنوات الخمس الماضية


كتب: خالد عاصم
ما من شك في أن أسعار الهواتف الذكية ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، حتى وصلت أسعار بعض الهواتف الرائدة إلى 1500 دولار أمريكي وأحيانًا لما يزيد عن ذلك مع الهواتف القابلة للطي، وهو ما قد يزيد عن سعر بعض أجهزة اللاب توب المتوسطة وبعض شاشات التليفزيون عالية الجودة.
فمنذ خمس سنوات فقط، كان متوسط سعر الهواتف الرائدة يبلغ ما بين 600 إلى 700 دولار أمريكي، ومع هذا الفارق الكبير في الأسعار في خمس سنوات فقط، من الطبيعي أن نتساءل عن السبب وراء هذا الارتفاع الكبير في أسعار الهواتف الذكية، وعمّا إن كان سيستمر المستهلك في الإنفاق بهذا القدر على هذا النوع من الأجهزة مع الاستمرار في ارتفاع أسعارها، وفي هذا المقل سنحاول الإجابة على تلك التساؤلات.
كيف وصلنا إلى هذا الحد
لماذا تضاعفت أسعار الهواتف الذكية خلال السنوات الخمس الماضية
لم يبدا ارتفاع سعر الهواتف الذكية منذ خمس سنوات تحديدًا، بل لنتمكن من معرفة الأصل في ارتفاع سعر الهواتف، علينا أن نعود بالزمن إلى ما هو أبعد من ذلك، وتحديدًا عندما ظهر أول هواتف iPhone والذي بلغ سعره حينها في 2007 حوالي 600 دولار أمريكي، وهو الرقم الذي دعا بعض المسؤولين عن شركات أخرى مثل مايكروسوفت للسخرية من ابل والقول بأن الشركة قد تحقق مكاسب مادية كبيرة ولكنها لن تتمكن من تحقيق نسبة استحواذ سوقية مقبولة.
على الرغم من هذه التوقعات، إلا أن اليوم لا تزال هواتف iPhone مستمرة بينما اختفت هواتف Microsoft وغيرها ممن تهكموا عليها، ولا يزال قطاع كبير من المستهلكين يتجهون لهواتف ايفون رغم وصول أسعارها على حاجز 1600 دولار أمريكي في حالة أعلى إصدار للذاكرة من هاتف iPhone 11 Pro Max على سبل المثال، وكانت قد اعتادت ابل منذ ظهورها على ساحة الهواتف على رفع الأسعار بشكل تدريجي محدود، وهو ما تغير مع هواتف iPhone 6 عندما أصبحت تطرح هاتفين من الفئة ذاتها في العام الواحد مما سمح لها بالتحكم في ارتفاع السعر بصورة أكثر أريحية.
أما بالنسبة لجوجل فقد بدأت مع هواتف Nexus الأول بسعر يبلغ حوالي 529 دولار أمريكي، قبل أن تخفض أسعار هواتفها لعدة أسباب لتصل إلى 350 دولار أمريكي مع هاتف Nexus 4 قبل أن تقفز مرة أخرى إلى سعر 650 دولار أمريكي مع هاتف Nexus 6، أما اليوم فيبلغ سعر هاتفها الحالي Google Pixel 4 XL حوالي 1000 دولار أمريكي وهو أيضًا سعر مرتفع.
لا يختلف ما حدث مع شركتي ابل وجوجل مع ما حدث مع عملاق هواتف اندرويد Samsung، فسعر هاتف Samsung Galaxy S20 Ultra في أعلى إصداراته يبلغ حوالي 1500 دولار أمريكي، بينما هاتفها القابل للطي Samsung Galaxy Fold يقترب سعره من حاجز ألفي دولار أمريكي.
هل الهاردوير سبب في ارتفاع أسعار الهواتف الذكية
لماذا تضاعفت أسعار الهواتف الذكية خلال السنوات الخمس الماضية
في تعليقه على ارتفاع أسعار الهواتف الذكية، يقول أحد الخبراء أن سوق الهواتف الذكية أصبح متشبعًا وأن المستهلكين أصبحوا يتمسكون بهواتفهم لفترات أطول من أي وقت مضى، لذا تسعى الشركات لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة من كل جهاز يقومون ببعيه، من ناحية أخرى فإن وظيفة ودور الهواتف الذكية يشكل فارقًا، فالاعتماد على الهواتف في حياتنا اليومية وفي الوظائف المختلفة أكثر من السابق وهو ما يدفع الشركات أيضًا لرفع أسعارها بمرور الوقت.
كما سمح هذا الارتفاع أيضًا لظهور شركات أخرى مختلفة يمكنها أن ترفع من أسعار هواتفها الرائدة في حدود مربحة ولكن في نطاق أقل بشكل كبير من الهواتف الرائدة التي تقدمها شركات مثل سامسونج وابل، مثل شركة OnePlus على سبيل المثال التي توفر هواتف متميزة حائزة على الجوائز مثل هاتف OnePlus 7T Pro من العام الماضي والذي تم تقديمه بسعر أقل من هواتف الشركات الأخرى الرائدة، كما يجب ملاحظة أن أكثر هواتف شركتي سامسونج وابل مبيعًا ليست هواتفها الأعلى سعرًا، فمن بين الهواتف الأعلى مبيعًا للشركة الأولى هاتف Samsung Galaxy A50 وللشركة الثانية iPhone 11 وكلاهما هاتفين متوسطي الفئة السعرية، مما يعكس انصراف قطاع كبير من المستهلكين عن الهواتف مرتفعة الثمن.
السؤال هنا، هل نحصل على ما ندفع مقابله؟ الإجابة هي إلى حد ما، نعم. فهواتف اليوم تختلف اختلافًا واضحًا عن هواتف الأعوام الخمس الماضية، فالشاشات أصبحت أكبر وأصبح تتمتع بإمكانيات أعلى وحماية أفضل، كما انها محفوظة داخل هياكل قوية بحواف ضئيلة، بالإضافة إلى أن البطاريات وصلت إلى سعات كبيرة بشكل غير مسبوق، بينما زادت إمكانيات المعالجات وزادت سعة الذاكرة العشوائية حتى أصبحت قادرة على منافسة بعض أجهزة اللاب توب.
لا يمكن أيضًا أن ننسى التطور الهائل في الكاميرات بمختلف تفاصيلها، والعدد الكبير من المستشعرات والخصائص التأمينية المختلفة، بالإضافة إلى التطور في التصميم من هواتف قابلة للطي إلى كاميرات منبثقة ومختفية، وبالطبع التطور الهائل في تقنيات الاتصال المختلفة. باختصار، من الطبيعي ان ترتفع أسعار الهواتف الذكية كنتيجة مباشرة لتطورها وتضمنها لمجموعة ضخمة من الإمكانيات والتقنيات الحديثة.
هل يتعلق الأمر بالهاردوير فقط
لماذا تضاعفت أسعار الهواتف الذكية خلال السنوات الخمس الماضية
توفر جوجل نظام تشغيل اندرويد للشركات مجانًا، ولكن لا يعني هذا أن الشركات لا تتحمل تكلفة إضافية خاصة بالبرمجيات، فمختلف الشركات مثل Samsung وHuawei وXiaomi وغيرها، تنفق ميزانيات ضخمة في سبل تطوير واجهات المستخدم والتطبيقات المثبتة مسبقًا التي توفرها مع نظام التشغيل الأساسي، وهو ما يجعل من كل شركة متفردة على مستوى تجربة البرمجيات التي توفرها.
ناهيك عن التطور الكبير في خدمات مختلفة أخرى مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات المساعدات الشخصية الذكية المختلفة، فبعض هذه الشركات تمتلك أقسام خاصة بتطوير هذه التقنيات، بينما تقوم بعض الشركات الأخرى بشرائها من الغير، وفي الحالتين فالأمر مكلف للغاية وبالطبع سيتحمله المستخدم النهائي.
هل هناك أمل في انخفاض أسعار الهواتف
لماذا تضاعفت أسعار الهواتف الذكية خلال السنوات الخمس الماضية
على الأغلب لن تنخفض أسعار الهواتف الذكية الرائدة، بل ستستمر في الارتفاع بشكل كبير على مدار السنوات المقبلة، وهو ما سيؤدي لمزيد من الانخفاض في مبيعاتها، ولكنه أيضًا سيؤدي لانتعاش الفئات الأخرى مثل الفئات المتوسطة، كما سيؤدي أيضًا لانتعاش كبير في الفئة الرائدة منخفضة السعر أو هواتف Flagship Killers والتي تشغل قطاعها العديد من الشركات المتميزة مثل OnePlus وXiaomi وHonor وغيرها.



التعليقات

إكتب تعليقك

إسمك الكريم * بريدك الإلكتروني * اكتب كود الامان *

انشاء كود اخر.